.. يـا مـقـلّـب الـقـلـوب
من أجمل ما قرأت
… يقول أحدهم:
جذب انتباهي إعلانٌ معلق على أحد المحلات مكتوب فيه ( تصليح وعلاج القلوب )
دخلت المحل فوجدت رجلاً كبيراً في السن قابلني مبتسماً حينما شاهدني اقرأ ما هو مكتوب عدة مرات ..
قال لي مبتسماً:
ـ نعم أنا أصلح القلوب وأعالجها. ..
ثم أمسكَ بيدي وقال:
ـ تعال.. اقترب..
ووضع أذنه اليمنى على موضع قلبي وأنصت.. ثم قال:
ـ دقات قلبك فيها تسارع قليل... يا ولدي لا تجزع.. دواؤك بسيط.. القلوب عندنا نعالجها، والقلوب تعالج حسب نوعها لأنها أنواع..
قلت له:
ـ اشرح لي..
قال:
ـ من خبرتي التي ورثتها عن أبي.. عن جدي.. في الدنيا
قلبٌ مشروح..
وقلب مجروح..
وقلب مذبوح..
قلب رحيق..
وقلب سحيق..
وقلب حريق..
وقلب غريق..
قلب منقوع..
وقلب مفجوع..
قلب سليم..
وقلب عليل..
وقلب سقيم..
قلب فياض..
وقلب جياش...
قلب مغرور..
وقلب مسرور..
والبحث يطول فسبحان مقلّب القلوب..
قلت له:
ـ جئتك بحيرةٍ واحدة فجعلتها ألف حيرة..
فتبسم.. تبسم العارف الحذق.. ثم قال:
ـ ياولدي لاتجزع.. عندي لك ولكل من يأتيني وصفة واحدة..
وكل من جربها تعافى بإذن الله.. فأمسك القلم والقرطاس واكتب عني:
- ياولدي رزقك مقسوم فلا تتعب..
وقدرك محتوم فلا تجزع..
وصديقك عاجز فلا تأمل..
وعدوّك ضعيف فلا تخف..
يابني.. طهر قلبك من ثلاث: الكره والحقد والرياء.
وزيّنه بثلاث:
الصدق والإخلاص والورع
واجعل في قلبك ثلاث:
التسليم للمولى وحب سيد الورى، ودوام شكر الخالق في السراء والبلوى.
واترك الخلق للخالق
وانشغل بإصلاح حالك ودع أحوالهم
وليكن لك ثلاثة:
لسان ذاكر
وجسد صابر
وعقل متبصر عارف
واهرب من ثلاثة:
الحديث عن الناس
وهوى الناس
والجلوس مع من لا خير فيه من الناس
فالإستئناس بالحديث عن الناس من علامة الإفلاس
تناول دواءك.. ومن الله شفاؤك….
وصمت الرجل..
ياالله .. شعرت أنني قد ولدت من جديد.. قبلته من جبينه، وأنصرفت راجعاً إلى بيتي، وبين عينيّ وصاياه... فقد وجدت فيها راحتي.. وانتظام دقات قلبي..